حدث ذلك ذات ديسمبر 1978 عندما ترك لنا بومدين على شاشة التلفزيون ابتسامته الغامضة تلك، و رحل.
كانت ملامحه أقل صرامة من العادة، ونظرته الثاقبة أقل حدة، ويده التي تعود أن يمررها على شاربيه وهو يخطب، كانت منهكة لفرط ما حاولت رفع الجزائر من مطبات التاريخ.
لم يقل شيئا.فلم يكن عنده يومها ما يقوله، هو الذي قالوا له في موسكو-التي قصدها للعلاج من مرض نادر و سريع الفتك-إن موته حتمي و عاجل. من الواضح أنه عاد كحصان سباق مجروح ليموت بين أهله، وليختبر حبنا له، بعد أن عانى في بداياته من الجفاء العاطفي لشعب كان ليفضل طلة بن بلة..و عفوية طيبته.
ذات 29 ديسمبر، و بينما العالم يحتفل بأعياد الميلاد، كنا نودع جثمان الرجل الذي ولدت على يده مؤسسات الجزائر و أحلامها الكبرى، الرجل الذي كان لنزاهته لا يمتلك حتى بيتا، ولا عرفنا له أهلا، أو قريبا. ولكنه ترك لنا أجهزة و صيارفة تربوا تحت برنسه، سيتكفلون بقمع أحلامنا و إفقارنا، ورهن مستقبلنا لعدة أجيال.رحل مودعا بجداول الدموع التي لن يدري أنها ستتحول بعده إلى أنهار دماء.
بكاه الناس كفاجعة تخفي مؤامرة.لكأن موته إشاعة و مرضه مكيدة.فالجزائري تعلم من حكم بومدين نفسه ألا يصدق أن ثمة موتا طبيعيا، عندما يتعلق الأمر برجال السياسة.
ولذا رحل مكفنا بالأسئلة، ككل رجالات الجزائر الذين لفقت لهم ميتات و انتحارات و تصفيات انتقامية عابرة للقارات..وللتاريخ.
في الواقع، ثمة أمران لا يصدقهما الجزائري: الموت بسبب طبيعي، والثراء من مال حلال.فآلية تفكير الجزائري الذي كان شاهدا على عجائب الحكم، تجعله يعتقد أن كل من مات قتل، و كل من أثرى سرق، و بسبب هذا الريب الجماعي انهار السد الأخضر للثقة، و ابتلعتنا كثبان الخيانات.
منقووووووووووووووووووووووووول
algeriano
كانت ملامحه أقل صرامة من العادة، ونظرته الثاقبة أقل حدة، ويده التي تعود أن يمررها على شاربيه وهو يخطب، كانت منهكة لفرط ما حاولت رفع الجزائر من مطبات التاريخ.
لم يقل شيئا.فلم يكن عنده يومها ما يقوله، هو الذي قالوا له في موسكو-التي قصدها للعلاج من مرض نادر و سريع الفتك-إن موته حتمي و عاجل. من الواضح أنه عاد كحصان سباق مجروح ليموت بين أهله، وليختبر حبنا له، بعد أن عانى في بداياته من الجفاء العاطفي لشعب كان ليفضل طلة بن بلة..و عفوية طيبته.
ذات 29 ديسمبر، و بينما العالم يحتفل بأعياد الميلاد، كنا نودع جثمان الرجل الذي ولدت على يده مؤسسات الجزائر و أحلامها الكبرى، الرجل الذي كان لنزاهته لا يمتلك حتى بيتا، ولا عرفنا له أهلا، أو قريبا. ولكنه ترك لنا أجهزة و صيارفة تربوا تحت برنسه، سيتكفلون بقمع أحلامنا و إفقارنا، ورهن مستقبلنا لعدة أجيال.رحل مودعا بجداول الدموع التي لن يدري أنها ستتحول بعده إلى أنهار دماء.
بكاه الناس كفاجعة تخفي مؤامرة.لكأن موته إشاعة و مرضه مكيدة.فالجزائري تعلم من حكم بومدين نفسه ألا يصدق أن ثمة موتا طبيعيا، عندما يتعلق الأمر برجال السياسة.
ولذا رحل مكفنا بالأسئلة، ككل رجالات الجزائر الذين لفقت لهم ميتات و انتحارات و تصفيات انتقامية عابرة للقارات..وللتاريخ.
في الواقع، ثمة أمران لا يصدقهما الجزائري: الموت بسبب طبيعي، والثراء من مال حلال.فآلية تفكير الجزائري الذي كان شاهدا على عجائب الحكم، تجعله يعتقد أن كل من مات قتل، و كل من أثرى سرق، و بسبب هذا الريب الجماعي انهار السد الأخضر للثقة، و ابتلعتنا كثبان الخيانات.
منقووووووووووووووووووووووووول
algeriano